الرئيسية » نساء في العالم العربي »  

رهف القنون: كيف أنقذ تويتر حياة شابة سعودية
13 كانون الثاني 2019


وكالات - نساء FM:- مساء يوم السبت، 5 يناير/ كانون الثاني، بدأت تتكشف أولى خيوط قصة شائكة على حساب جديد أنشئ على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

رهف القنون ذات الـ 18 عاما، هربت من عائلتها السعودية التي كانت موجودة في الكويت، وأرسلت سلسلة تغريدات تطلب فيها المساعدة أثناء وجودها في إحدى غرف مطار بانكوك في تايلند.

يومها كان لديها 24 متابعًا على تويتر.

وقالت في أول تغريدة لها: "أنا الفتاة التي هربت إلى تايلند. أواجه الآن خطرا كبيرا لأن السفارة السعودية تحاول إجباري على العودة".

ثم قالت شيئًا يصعب تجاهله: "أشعر بالخوف. أخشى أن تقتلني عائلتي".

انتبه الناس لذلك وبدأوا بالتغريد على تويتر باستخدام هاشتاغ بالإنجليزية #SaveRahaf.

وبعد دقائق، ترجمت الناشطة المصرية-الأمريكية منى الطحاوي التغريدات العربية إلى الإنجليزية وشاركتها مع مئات الآلاف من متابعيها.

وبعد ساعات قليلة، لفتت هذه التغريدة انتباه منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان، وبعدها فيل روبرتسون، نائب مدير المنظمة في آسيا والمقيم في بانكوك والذي غرد قائلا: "الشابة السعودية رهف محمد القنون ذات الـ 18 عاما محتجزة في مطار بانكوك بعد مصادرة جواز سفرها من قبل السعودية التي منعتها من مواصلة رحلتها إلى أستراليا. تريد أن تطلب اللجوء بسبب الخوف من أن تقتل إن أجبرت على العودة إلى الرياض. هي بحاجة الوصول إلى منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
 

ومع الساعات الأولى من يوم الأحد، كان يتبادل الرسائل عبر تويتر مع رهف، مرشدا إياها إلى كيفية التعامل مع السلطات في المطار.

هاشتاغ #SaveRahaf

واصلت رهف هجومها، مرسلة تغريداتها عن كل دقيقة مرت بها أثناء محنتها ومقاطع فيديو توثق كل ما كان يحدث لها في المطار. وازدادت تغريداتها حدة على مدار يوم الأحد.

وأكسبتها مشاعر الخوف واليأس التي نقلتها عبر تغريداتها، تعاطفا ودعما كبيرين من قبل مستخدمي تويتر.

واكتسب الهاشتاغ زخما مع حلول منتصف يوم الأحد، حتى أنه سجل نحو نصف مليون تغريدة وفقا لموقع تويتر.

وازداد عدد متابعي هذه المراهقة - التي كانت غير معروفة في المملكة العربية السعودية - من 24 متابعًا إلى أكثر من 27,000 في أقل من 24 ساعة.

وقال فيل روبرتسون من هيومن رايتس ووتش لبي بي سي: "عندما سمعت تصريحات رهف محمد القنون بأنها تخلت عن دينها، علمت أن الأمور ستغدو سيئة للغاية إن أعيدت إلى السعودية".

وأضاف: "في تلك المرحلة، كان واضحا جدا بالنسبة لي أنها كانت بحاجة لمساعدتنا".

وتعد الردة، أي التخلي عن دين الإسلام، جريمة يعاقب عليها بالإعدام في السعودية.

ونجحت حركة مساعدة رهف في جذب اهتمام كبير، لا سيما في أستراليا، التي أحيلت لها قضية إعادة توطينها المحتمل.

وجاء في بيان رسمي وصل لبي بي سي: "يهدف تويتر إلى توفير منصة يمكن من خلالها إسماع أصوات المهمشين. هذا أمر جوهري لنا ولفاعلية الخدمة التي نقدمها".

دراما

صباح يوم الاثنين، أصبح الوضع أسوأ مع وصول سلطات الهجرة التايلاندية إلى غرفة رهف لترحيلها إلى الكويت.

وبناء على الرسائل المتبادلة على تويتر، استجابت رهف لنصيحة هيومن رايتس ووتش بعدم تسليم هاتفها المحمول تحت أي ظرف من الظروف.

وثبتت أهمية تلك النصيحة بعد ذلك.
 

حبست المراهقة الغاضبة نفسها مع الصحفية الأسترالية صوفي ماكنيل، رافضة ركوب الطائرة، وقامت بدلا من ذلك بتوثيق محنتها على تويتر.

وتضاعف عدد متابعيها بعد ذلك ووصلوا إلى أكثر من 66,400 شخص.

وقال مراسل بي بي سي في جنوب شرق آسيا جوناثان هيد إن الضجة الكبيرة التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي كانت عاملاً كبيراً في ما حدث لرهف بعد ذلك".

وأضاف: "كانت هذه قصة إنسانية في غاية القوة، وكانت تحدث مباشرة أمام أعيننا، وكانت نهايتها غير مؤكدة".
 

كما قال فيل: "إن تزايد الدعم على تويتر لم يجذب [فقط] انتباه المراسلين ورؤساء التحرير، بل حظي باهتمام وسائل الإعلام التايلاندية. كما جذبت تغريداتها اهتمام الدبلوماسيين المحليين، إلى جانب كبار المسؤولين في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين وعدد من الحكومات".

وأضاف: "لعب كل هذا دورا محوريا في حث تايلاند على إعادة التفكير في النهج الذي ستتبعه بعد أن اتضح لها أن رهف محمد القنون لن تغادر بهدوء".

وقال جوناثان هيد، مراسل بي بي سي: "حتى مساء يوم الأحد كان المسؤولون في تايلاند مصرين على أنهم سيعيدونها، أما وسائل الإعلام التايلاندية فلم تكن قد نقلت الخبر بعد. تغير كل ذلك مع صباح الاثنين".

اليوم رهف القنون آمنة، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أنها حصلت على صفة لاجئة.
 

بفضل براعتها في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، استطاعت رهف القنون أن تمسك بزمام الأمور من خلال الحشد لحملة قوية على الإنترنت لحماية نفسها.

وخرجت من هذه المحنة بـ 126,000 متابع على تويتر في الأيام الخمسة الأولى.

وفي حالة أخرى استخدمت فيها وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مشابهة، نجح شاب سوري تقطعت به السبل في مطار ماليزي لعدة أشهر في طلب اللجوء في كندا بعد نجاح حملته لدعم لقضيته على تويتر وفيسبوك.

لكن الحظ لم يكن حليف كل من تعرض للتهديد.